الفرامانات الهمايونيه فى اخبار السلطان ابو طاقيه
حدثنا ابا الطيب فقال وعمر السامعين يطال
انه كان احد السلاطين من بلاد الفيل يدعى السلطان ابو طاقيه وكان يصدر فرامانات همايونية
وحبا منا فى تعريفكم بتلك الفرامانات لما قد يكون فيها من فوائد قد تنفع وأحتياطات قد تلزم خشية من غدر الزمان وسوء المكان ومخالفة السلطان
ثم تنهد ابا الطيب بحنق وتابع بقلق وعيونه تفتش السامعين أصحاب العقول حتى لا تقع فى المحظور وتصبح حكايته مصيبة تجر عليه البلاء والخطر وتقذفه الى مجاهل بلاد الواق والقطر .
الا انه بعدما تعب فى فحص العقول لشدة اغلاقها بالمفاتيح والطلاسم ، توكل على القدير وقرر ان يقول ويتابع ولو قلعوا اظافره من الاصابع
وقال ايها السادة الكرام خير الكلام قليله وخير النصح يسيره وخير الناس فقيره
واليكم الحكاية
جلس السلطان ابو طاقيه بعد ان اطل بطلعته البهية ثم تمطى وتثاءب بعد ان حوقل واستوعذ وقال موجها كلماته الدرية لجميع محبيه من الرعية فى الحضر والبريه
نحن السلطان ابو طاقية كبير السلطنة العليه وخير الامم والبشريه قررنا ان نعطيكم الحرية فى سؤالنا شرط ان تقبلوا بما نجيب ولا تخالفوه والويل والثبور وكبائر الامور لمن يخالفنا العمل بالنصيحة فهو المسؤول عن سؤالنا وعواقبه اليس كان له حق السمع والسكوت والطاعة فهى بضاعة مباعه ولا تحتاج الى سمسار او وسيط ونقبلها منه بالجملة والتقسيط
فوجم بعض الحاضرين من الكلام وتململوا دون كلام مما اثار ريبة السلطان بقرب المجادلة فقال ومن جادلنى فيما اقول فسوف ألعنه ولا شفاعة له وعليه وحده ما أوقع نفسه به وهى فى الغالب أمارة بالسوء فأحذروها حتى لايكون محظور او مضرور ونبقى جماعة واحدة نعيش فى حب وسرور
ففرح غير البعض وتشوقوا لمعرفة قضية الحب والسرور بعدما عرفوا قضية الذنب المغفور فى الفرمان الهمايوني الماضي ، أما البعض فسكت على مضض ولم يقبل التهديد وتوعد سرا ان يرد التهديد فى اقرب فرصة او حتى زلة لسان
وتابع السلطان ابو طاقيه وهو يتفحص الحاضرين بعيون ناريه فهو فى أمر القلوب عارف ولا تغره ما قد تعبر عنه الوجوه الا وجوه من آمنوا وأنقادوا من زمن ولا خوف عليهم ولا يحزنون
وكان هناك من يكتب ما يقوله السلطان ويعلنه بعد ذلك فرمان لا يخالفه أي كان ، فأعتبر ألكاتب أن ذلك فرمان فسجله تحت عنوان
فرمان لا تجادل الهمايوني وذيله بأسم السلطان وأعطاه رقم مائتان وأخذ يتابع الكتابة استعدادا لأصدار الفرمان التالي
ونطق ابو طاقيه بعد أن أعاد النظر فى الوجوه والنظرات فأرتاح للنتيجه فقال ومن يجادل منكم يااخوان فهو قد يكون مارق أو مدسوس ليعبث بالنفوس ويفرقكم كالتيوس ولذلك حرصا منا عليكم ورغبة فى عدم تلويث عقولكم قررنا معاقبة كل مدسوس منحوس يمر بيننا ليغير النفوس
فسجل الكاتب الفرمان الثاني تحت عنوان فرمان المدسوس والمنحوس فى الرد على مغيري
النفوس واعطاه رقم منحوس