مولانا السلطان
سألني صديق من العرب ،
وحاجباه يرتفعان من العجب : لماذا نستطيع التكلم بالتليفون مع كندا او الكاميرون
ولا نظفر بالخط بعد التعب اذا اردنا الاتصال ببلاد العرب ، على الرغم من ان شبكات
الأتصال قد صرف عليها عندنا الكثير من المال .
قلت للصديق : وما فى الامر
يابهلول ، الم يأتك حديث تنوير اسطنبول ، فالقضية فى هذا السؤال كم وصل لشبكات
الهاتف فى بلادنا من المال .
واليك القصة
فى غابر الزمان وسالف
العصر والاوان غادر السلطان العثماني الدولة للقيام فى اوروبا بجوله ومعرفة احوال
بلاد الفرنجه وقضاء الوقت بالفرجه ، فأعجب حين رأى الشوارع فى الليل مضاءة بنور
ساطع وحين عاد السلطان للبلاد استدعى الصدر الاعظم على انفراد ، وأمره بتنوير
اسطنبول وفق القواعد والاصول ووضع تحت تصرفه الف الف من الذهب حتى لا يكون تأخير
او تعب ، وقال له ايها الصدر الأعظم يجب أن تتلألأ المدينة بالنور فى خلال ثلاثة
شهور .
فسارع الصدر الأعظم
بالأنحناء وغادر القصر مع كبير الأمناء ، وارسل يدعو المقربين بالعجل للمباشرة فى
العمل ، وقال لهم ان رغبة مولانا سلطان البرين أن يتم تنوير اسطنبول فى شهر او
شهرين ، وقد خصص جنابه لهذا المشروع ذى الأهمية ، خمس مئة الف من الليرات الذهبيه
، واذا قصرتم فى هذه القضيه ما عليكم سوى كتابة الوصية .
وارسل المقرب يدعو عمدة
الحاره ، وابلغه بصوت ينضح بالمراره أن مولانا السلطان رغبة منه فى تحقيق الأمان ،
يريد ان تضاء الحارات والشوارع بنور ساطع ، وأنه خصص لهذه الغاية مئة الف وفيها
الكفايه .
ونقل العمدة الأمر الى
محافظ اسطنبول ، وقال له ياجناب المسؤول ، يجب تنوير المدينة بزمن لا يطول ،
والمبلغ المخصص لهذا المشروع ، هو خمسون الفا بلا رجوع ، والا فأنتظر الويل
والثبور وعظائم الأمور ، فوضع المحافظ المبلغ فى الجيب بلا خجل او عيب ، وجمع
مخاتير الأحياء ، وأبلغهم بصوت جهوري بالانباء ، فقد قرر مولانا السلطان ان يعلق
كل مواطن فانوس على باب الدار ، حتى يصبح الليل كالنهار ، وان اوامر مولانا
السلطان لا تستثنى اى انسان .
ونظر السلطان من شرفة
القصر فى المساء ، فاذا اسطنبول تموج بالاضواء ، فسر من انجاز العمل على وجه
السرعة ، ومنح كبار المساعدين الرتب والالقاب بالقرعه .