:•:[ حكاية فاتنة في عيدها]:•:

صبـــــاحكم مســائكم نقــــــاء و بعد :

أخواني أخواتي

عندما تنقلب المفاهيم

وتدور عجلة الزمن

ونشرف على عتبات الموت

تبدأ القصة من جديد

أنا لست فاتنة بل ظالمة

منقول بتصرف

اسمها فاتنة كاسمها جريئة متحررة مثقفة في كل شيء

عندها أن تكون ذات قلب طيب ولا عليها بعد ذلك

تخالط تلبس ما تشاء وتفعل ما تشاء

ليلة عيد ميلادها
.
كانت في أجمل هيئة وأحسن مظهر

تدور بين صديقاتها

ضحكات هنا وهناك

وتسأل::

أتدرين يا بنات ماذا ينقص حفلتنا

فأجبنها إجابات وهي تقول لا

ثم لا

وهي مصرة على سؤالها

ثم قالت ثم قالت

تنقصنا الشيخة علياء

تنقصنا الشيخة علياء

فانطلقت موجات الضحك من كل مكان

والاستهزاء من كل مكان

قالت أحداهن مدافعة

لماذا كل هذا الضحك لماذا كل هذا الضحك والاستهزاء

علياء أليست زميلتنا

أليست زميلتنا في الصف

أليست صديقتنا الم تكن إلى عهد قريب

رفيقتنا في سهراتنا وحفلاتنا وغفلتنا

وهي ألان في محرابها مع صلواتها وقرانها

أنها تبحث عن الآخرة

ونحن عن ماذا نبحث

؟؟؟؟
؟؟؟

قالت أخرى ذهبنا إلى علياء لندعوها

إلى عيد الميلاد

واعتذرت وأعطتنا محاضرة طويلة

أعطتنا محاضرة طويلة عريضة في الأخلاق والدين

والعادات والتقاليد و التقاليد الاجتماعية

***

قالت فاتنة

مسكينة علياء لقد كانت عاقلة متحررة

قبل هذا الهوس الذي اختطفها من بيننا

***

سبحان الله الدين هوسا وجنونا

ثم تابعت فاتنة حديثها وهي تقول

فعلا مسكينة علياء

تسممت أفكارها وتغيرت هيئتها

لقد أطالت ثيابها كفلاحة من القرية

خير اللباس ما قل ودل

شعرها أصبح بضاعة محرمة مغطاة

علياء نسيت أن الله يهمه منا القلب

وكل ما عدا ذلك شكليات

***

الحجاب والتمسك بالدين شكليات

قاتل الله الشاشات و القنوات

إحداحن ترد على فاتنة

ثم تابعت فاتنة حديثها عن علياء

تخوفنا من النار وان الله سيحرق به أجسادنا المكشوفة

تنذرنا من شيء اسمه الموت ومن شيء آخر تسميه الحساب والحشر

بل اسمعوا يا بنات

أنها تحملنا مسؤولية إغواء الشباب

و إغراء الرجال

فقالت أخرى

لقد قتلتها الهواجس والوساوس

الرجال للنساء ولهن خلق الرجال

أين ستجد فتى أحلامها

أين ستجد السعادة والأنس

لقد قتلت نفسها وهي في ريعان الشباب

ولا بد أن نصنع شيء لإنقاذها

فارتفعت الأصوات لا بد من إنقاذها

لا بد من إنقاذها

من طول العبادة ولزوم البيت

فلا أسواق ولا حفلات

إن الحياة متعة وحرية

أما الموت فمالنا وماله

سنموت عندما نشيخ ونهرم

انه الأمد الطويل

***
**
*
أنتهى الاحتفال ودارت سنوات

وتخرجت البنات تخرجت فاتنة وتخرجت علياء

وثبتت على طريق الاستقامة والالتزام

***

ماذا حصل لفاتنة

؟؟

وماذا حدث لعلياء والأخريات

؟؟؟

في إحدى المستشفيات في الدور الرابع

صوت أنين مريضة يملئ الغرفة

أنها في تلك الغرفة منذ عدة أشهر

أيس الأطباء من حالتها

وأصبح صوت أنينها معتاد في المستشفى

ولا احد يستطيع أن يفعل لها شيء

الطبيبة المناوبة الجديدة في المستشفى

فلم تستطع أن تتجاهل ذلك الصوت

وذلك الأنين فأخذت بعض العقاقير والمهدئات

فتحت الباب

فإذا بامرأة على السرير في شبه غيبوبة

جست نبضها فإذا هو نبض ضعيف على وشك التوقف

أصغت إلى تنفسها فكان التنفس مضطربا خافتا

وأعطتها بعض المنعشات

أفاقت بعد قليل واستوت على سريرها

أدارت عينيها فيما حولها ثم ثبتت نظرها على وجه الطبيبة

ثم أخذت تفرك عينيها بيديها الضعيفتين

قولي لي بربك قولي لي من أنت

قولي لي بالله العظيم من أنت

أنا الطبيبة يا ماما قالت أنا الطبيبة يا أماه

أسألك عن أسمك

ألست أنت علياء

أسألك بالله العظيم ألست أنت علياء

الطبيبة باستغراب

بلا أنا علياء

المريضة تطوقها بذراعيها

وتضمهه إلى صدرها

وتقبلها وتجهش بالبكاء

من عساها هذه المريضة

وهل بها مس من الجنون

كيف عرفتني

؟؟؟

ولم يسبق أني عالجتها

!!!

أول ليلة لي في المشفى كطبيبة مناوبة

فرجعت علياء برأسها إلى الوراء

وأخذت تنظر إلى المريضة مشدوهة مصعوقة

لا تدري ماذا تفعل

ثم قالت للمريضة

من أنت يا خالة

؟؟؟

وكيف عرفتي أسمي

؟؟؟

وهل التقينا من قبل

؟؟؟

فردت المريضة بصوت تخنقه العبرات

نعم يا علياء لقد التقينا مرات ومرات

إن أسمك وصورتك لم يفارقا خاطري

منذ ثلاث سنيين

آه يا علياء

أنا فاتنة أنا فاتنة يا علياء

أأنت فاتنة

مستحيل فاتنة

فاتنة بصوت خافت متقطع

نعم أنا التي كان يقال لها ذات يوم

فاتنة فأكبت عليها علياء تضمها إلى صدرها

وتجهش بالبكاء المر الأليم

فلما هدأ البكاء

أخذت فاتنة تروي قصة سبع سنين خوالي

قالت تخرجت من البكلوريا وحاولت إكمال الدراسة

فلم استطع كنت لاهية متمردة

لم أكن اشك بالله لم أكن اشك بالله

كنت اعتقد انه كل ما لله عندي أن أكون طيبة القلب

وكفى

تعرفت على كثير من شبان وفتيات

ثم ارتبط برجل تعرفت عليه في الوظيفة أحبني وأحببته

لكننا كنا نعيش حياة غافلة بعيدة عن الله

رزقنا الله بطفلة صغيرة جميلة رائعة سميتها سوسن

على أسم صاحبتي التي تعرفينها

ثم بدأت أشكو من آلام في بطني

فقال الأطباء إنها قرحة عارضة

وأخذت آلامي وهمومي بإزدياد

وأهرب منها بمزيد من الغفلة والضياع

ثم تدهورت صحتي

وجاء التشخيص الجديد

بداية تورم خبيث في المعدة وهكذا

استحالت القرحة إلى سرطان

ثم اخذ السرطان يستفحل بأناء جسدي

أقعدني هنا أصارع الألم

وانتظر الموت

بنتي منذ أربعة أشهر

لم أضمها إلى صدري

بل لم أراها

عمرها الآن أربعة سنوات

منذ أسبوعين زوجي لم يزورني

لقد تعب من الترداد

لعله ملني أو كرهني
***

فلما سمعت علياء قصتها

لم تتمالك نفسها وانخرطت في بكاء شديد

ثم تمالكت نفسها وقامت إلى فاتنة تضمها إلى صدرها

وتواسيها وتخفف عنها لا تجزعي يا فاتنة

لا تجزعي يا فاتنة

فقد عرفتك شجاعة قوية لا تقنطي من رحمة الله

لا تستسلمي لليأس

قد يكتب الله لك الشفاء

وقد يكون هذا ابتلاء فاستسلمي إلى قضاء الله وقدره

واصبري فالصبر جميل

والله مع الصابرين

"
إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ

(10)
"

هدأت فاتنا و أخذت تقول عفوك يا رب

عفوك يا رب لم يبقى لي سواك

فهل تقبلني رحماك يا الله

ليته الابتلاء

ليته
...
.
لا انه الانتقام

انه الانتقام

لأولئك الضحايا

الذين فتنتهم وأغويتهم

وكنت مع الشيطان

كم تجاهلت كلام أمي الحنون

كم تجاهلت كلام الناصحين المحبين

يا الله كم أغويت من شاب وأفسدت من فتايات

ثم أخذت تردد وتقول

اقترب مني يا موت

اقترب مني يا موت

فلطالما خدَعتّني أوهامي

لقد ظننت انك لا تأخذ إلا الكبار والشيوخ

وتترك الشباب

لقد خدعتني نفسي وغرني طول الأمل

***
**
*
ثم أخذت تسال علياء

أصحيح يا علياء أن القبر مظلم

؟؟؟!!!؟؟

أصحيح يا علياء أن القبر ضيق
؟؟؟!!!؟؟

فتجيب نفسها

نعم صحيح

وعما قليل سأحمل إليه جسدا باردا هامدا

هناك وحدي لا أهل ولا أحباب

ولن يكون معي مال ولا ثياب

لن يكون هناك زوج ولا أصحاب

***
يا الله كيف سأفارق سوسن صغيرتي

أنا لا زلت شابة في ريعان الحياة

ثم أمسكت بخصلة من شعرها

ثم قالت

أصحيح انك ستتساقط في القبر شعرة شعرة
؟؟؟!!!؟؟

ثم تلمست عينيها وقالت بكما أرى النور

كم أسقطت بنظراتي من شاب

أحقا سيأكلكما الدود وينهشكما التراب
؟؟؟!!!؟؟

***
**
*
أخذتها علياء بين ذراعيها وضمتها إلى صدرها

وأخذت تقرا عليها القران وتدعوا لها بالشفاء

كفى يا فاتنة

كفى يا فاتنة

لا تقنطي من رحمة الله

لا تقنطي من رحمة الله

ولا تيأسي من شفاء الله

فقالت فاتنة

أسألك بالله يا علياء أيغفر الله لي
!!!!

وقد فعلت ما فعلت

فقالت علياء

بصوت واثق وكيف لا يا فاتنة

أليس الله واسع المغفرة

أليس الله تواب رحيم

الم تسمعي قول الله
"
(52)
قُلْ يَا عِبَادِيَ

الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ

لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ

إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا

إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

(53)

يا علياء لا تناديني بعد الآن فاتنة

ناديني ظالمة

ناديني ظالمة

نعم ظالمة

لقد ظلمت نفسي

ظلما كثيرا
***

استوت فاتنة على سريرها

ورفعت يديها إلى السماء

وهي ترتجف وهي ترتجف ضالعة

وأخذت تدعوا الله برقة وخشوع

اللهم اشهد اللهم اشهد

باني قد رجعت إليك وانبت إليك

فهذه أنا طريحة على بابك

اللهم إن كنت قد كتبت لي الشفاء

وهذا ليس صعبا عليك

وقد اخفق الأطباء وعجز الحكماء

فاشهد يا حكيم اشهد يا حكيم

بأنني لن أعصيك أبدا

اللهم وان كنت قد قدرت علي الموت عاجلاً

فاشهد باني لم ايئس من رحمتك

ولن اقنط من مغفرتك

طالما بقي في صدري نفس يتردد

يا رحمن يا رحمن الدنيا والآخرة

يا الله

ظلمت نفسي ظلما كبيرا

ولا يغفر الذنوب

إلا أنت انك أنت

الغفور الرحيم