غادة عبودتخينة بس زى القمر إيه يعنى أنها لمّا تيجى توزن نفسها، الميزان بيتشاهد؟ وإنها قد تكون
الحلقة المفقودة بأن الإنسان أصله فيل، إيه اللى يخلّيها كل مرة تمشى فى
الشارع عرضة لتعليقات، لازم أصحابها تُطبق عليهم تجارب نووية، من نوعية
“كرباج ورا ياسطة!” أو “هو الفيل هرب من الجنينة امتى يا جدعان؟” لغاية ما
بقت تكره تمشى وسط الناس.
لغاية ما بقت حاسّة إنها كائن غريب بيدِب ع الأرض، وسط فراشات تحلق وما بتمشيش على الأرض، ده ما يمنعش إنها جميلة وزى القمر.
غريب جداً إننا فى وقت بنتكلّم فيه عن التعددية الفكرية وقبول الآخر،
بينما مفهوم الجمال عندنا مرتبط بصورة واحدة فقط، مقاييس جمال مرتبطة
بأوزان وأحجام محددة.
هى اللى بس رادار الجمال عندنا بيلقطها ويسجل نمرها، خارج هذه المواصفات
المحددة، قد تواجة تٌهم بالتجاهل والإزدراء، بعضها معلن، وآخر من تحت
الحزام.
الضغط الاجتماعى الذى لا يقبل بأى مختلف. الذى يرفض أى شىء خارج عن
متطلباته السطحية الغرائزية، رغم كل ما يدعى، يجعل من كل “مختلف” مرفوض حتى
يثبت تشبهه بالكل، فتلاقى البنت من دول بتجرى من دكتور دايت، لبرنامج
ريجيم، على كريم تخسيس، منه ممكن على عملية شفط تجيب أجلها، عشان تقدر تحس
بأنها “مقبولة” لديها فرصة حتى تكون “جميلة” ومحبوبة.
هذا غير المؤامرة الكبرى من محلات الملابس التى تصر على استيراد مقاسات
معينة فقط، لغاية ما البنات دول يحسوا إنهم غلط، لمجرد إن وزنهن زيادة،
الغريب بقى فى المحلات دى، إنك لو كنت رفيع شويتين، برضه مش هتلاقى مقاسك!
يعنى بالبلدى كدة يا تبقى مقاس هيفا، يا تخلّيكى فى هلاهيلك.
ولمّا فى طلب الوظايف، تلاقى عبارة “مظهر مقبول”! لو واحدة شهادتها
عالية، ربنا خالقها بمظهر غير مقبول تبعاً للعرف السائد فى الزمن ده،
ممكن واحدة شهادتها أقل تحصل على الوظيفة لمجرد إن مظهرها مقبول! و مقبول
لدى مين؟ المفروض إن وزن شهاداتك أهم، من وزن دراعاتك، إلا لو هتقدّم
على وظيفة فى المنتخب.
على مستوى الصديقات أيضاً، المسألة ما بتسلمش، فالسمينة فى الأغلب
مالهاش حكاية عن نادى المعجبين، ولا حيرانة فى استايلها الجديد، لو بصيت
من بعيد على شلة بنات، هتلاقى دايماً ملكة النحل ذات المواصفات
الصاروخية، هى محور الاهتمام، وفيه واحدة تخينة على جنب بتحاول تنضم
للمجموع، أو فى شلل أخرى صاحبتهم التخينة يا حرام قاعدة فى البيت، وتخرج
ليه طول ماللى حواليها فى الأغلب بتعاملوا معاها كنوع من الجدعنة أو
الشفقة الاجتماعية مش أكتر.
معظم الإحصائيات بتؤكد أن نسبة السمنة كبيرة جداً فى مجتمعاتنا العربية،
فى نفس الوقت نصر على أن نتجاهل وجودهم فى إعلامنا أو فى الفن، نبيّن أن
التخين هو النكتة، أو البنت غبية وطفسة، هذا غير محاولة إقناعنا بأن
السمنة تؤثر على القلب، والأكل الكثير ما هو إلا نوع من الاكتئاب، طب ما
الناس زمان كلهم كانوا سمان وعايشين زى الفل.
عندما يوجه لك كم لا يستهان به من الرفض الاجتماعى، نتيجة مفاهيم ثقافية
معاصرة، ومكتسبة، بعد فترة من الوقت بتصدق، وبعد ما بتصدق إنك مرفوض و
قبيح، بتبتدى تتصرف على أساس إنك كائن غير مرغوب فيه، وهنا تبدأ رحلة
تدمير الذات.
الحقيقة إن الجمال له أشكال متعددة، مالهوش وزن معين، ولا مواصفات جسدية
ولا ألوان شعر معينة، المفهوم السائد عن الصورة المتوحدة التى لا تقبل
مختلف، ما هو إلا انعكاس لأفكار مجتمع لا يقبل بتعددية الأفكارفعلاً، بس
بيعرف يتكلم عنها طول الوقت.
ورغم كل ذلك لو عندك فلوس تربطى معدة، وتشفطى، طبعاً اعملى كدة عشان
تخلصى من حياة الهامش، أعملك إيه يعنى؟! لو كان المجتمع بيتغير
بالمقالات، ماكانش حد غلب.